بعيداً عن الرهانات التي تظهر لدى بعض الأفرقاء اللبنانيين، الذين يتمنون سقوط النظام الإيراني بأسرع وقت ممكن، نتيجة الضربات الإسرائيلية التي يتعرض لها، بالإضافة إلى إحتمال الدخول الأميركي على خط الحرب، تسيطر حالة من القلق على مختلف دول المنطقة، بسبب التداعيات التي من الممكن أن تترتب جرّاء ذلك.
في هذا السياق، من الطبيعي الحديث عن أن غالبية هذه الدول وجدت نفسها، في السنوات الماضية، في الموقع المعادي أو على الأقل المنافس لطهران، لكنها في المقابل تدرك المخاطر التي قد تنتج عن وصول الأمور إلى مرحلة المواجهة الشاملة، لا سيما أنها لا تزال تملك العديد من أوراق القوة، في حال وجدت نفسها أمام لحظة الدفاع عن نظامها.
إنطلاقاً من ذلك، تشير مصادر متابعة، عبر "النشرة"، إلى أنّ غالبية الدول تتمسك بالدعوة إلى العودة لطاولة المفاوضات والحد من التوترات العسكرية، في مقابل رغبة واضحة لدى الرئيس الأميركي دونالد ترامب في منح تل أبيب حرية الحركة، التي لا تقتصر على المواجهة القائمة مع طهران، بل تشمل أيضاً ما تقوم به في سوريا ولبنان وفلسطين.
من وجهة نظر المصادر نفسها، ترامب يعتبر أن إسرائيل، في المستقبل، تستطيع أن تتولى دور "الشرطي" في الشرق الأوسط، في وقت هو يريد أن ينقل التركيز إلى الصين، حيث يعطي المواجهة معها الأولويّة، ولذلك يحرص على الإنتهاء من الملفّ الإيراني بأسرع وقت، سواء عبر دفعها إلى تقديم تنازلات كبرى على طاولات المفاوضات، أو عبر الذهاب بعيداً في المعركة العسكريّة معها، بناء على إعتقاد أنه يستطيع أن ينهي المهمة في وقت قريب.
في بعض الأوساط السياسية، المحلية والإقليمية، من يظن أن الرئيس الأميركي يريد التخلص من التهديد الإيراني ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو معاً، على قاعدة أن الداخل الإسرائيلي لن يكون راضياً عن الكلفة التي يتكبدها بسبب الحرب، لكن في المقابل هناك من يؤكد أن نتانياهو سيكرس نفسه زعيماً مطلقاً، إذا ما نجح في إضعاف طهران، عبر المفاوضات أو عبر الضربات العسكرية، من منطلق أنه يكون قد تخلص من كل التهديدات التي كانت محيطة بإسرائيل.
وبعيداً عن القلق الموجود لدى بعض الجهات الدوليّة، كالصين وروسيا، تذهب المصادر المتابعة إلى الحديث عن ذلك الموجود لدى بعض القوى الإقليميّة، حيث تلفت إلى أن تركيا، على سبيل المثال، تدرك أنّها لن تكون بعيدة عن دائرة التوترات، ليس فقط بسبب القلق من مصير الواقع الإيراني الداخلي، بل أيضاً بسبب تداعيات تكريس الهيمنة الإسرائيلية في المنطقة، خصوصاً أنها سبق لها أن وجدت نفسها أمام إحتمال الصدام مع تل أبيب في الساحة السورية.
بالإضافة إلى تركيا، تشير المصادر نفسها إلى أنه من الممكن التطرق إلى الواقع في دول الخليج، التي كانت قد عمدت إلى إطلاق مسار البحث عن المصالح المشتركة مع طهران، بعد الإتفاق الذي وقع بين السعودية وإيران برعاية الصين، حيث تلفت إلى أن من الطبيعي أن تكون تلك الدول قلقة من إحتمال دخول الولايات المتحدة المباشر في الحرب، نظراً إلى أن طهران من المرجح أن تبادر إلى قصف قواعدها العسكرية في المنطقة، من دون تجاهل أيضاً التداعيات الإقتصاديّة التي من الممكن أن تترتب على ذلك، بالإضافة أيضاً إلى مخاطر تكريس الهيمنة الإسرائيلية.
في المحصّلة، ترى هذه المصادر أنّ ما تقدم لا ينبغي أن يحجب الرؤية عن القلق الموجود لدى دول عدّة، منها الأردن ومصر، حيث تبقى مشاريع تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة والضفة الغربيّة حاضرة، بالإضافة إلى المخاوف الموجودة في كل من العراق وسوريا ولبنان، التي تشملها التوترات الأمنيّة والمشاريع المستقبليّة المتعلقة بإعادة رسم خرائط المنطقة.